الأحد، 18 ديسمبر 2011

توقيت عيد الميلاد 25 ديسمبر أم 7 يناير؟ ولماذا هذا الإختلاف؟


توقيت عيد الميلاد
25 ديسمبر أم 7 يناير؟ ولماذا هذا الإختلاف؟

الإجابة:
يقول الأنبا إبرآم الأسقف الحالي:
يحتفل الأقباط بعيد الميلاد يوم 29 كيهك حسب التقويم القبطى. وكان هذا اليوم يوافق 25 ديسمبر من كل عام حسب التقويم الرومانى الذى سمى بعد ذلك بالميلادى , ولقد تحدد عيد ميلاد المسيح يوم 29 كيهك الموافق 25 ديسمبر وذلك فى مجمع نيقية عام 325 م. حيث يكون عيد ميلاد المسيح فى أطول ليلة وأقصر نهار (فلكياً) والتى يبدأ بعدها الليل القصير و النهار فى الزيادة, إذ بميلاد المسيح (نور العالم) يبدأ الليل فى النقصان والنهار (النور) فى الزيادة. هذا ما قاله القديس يوحنا المعمدان عن السيد المسيح "ينبغى أن ذلك (المسيح أو النور) يزيد وإنى أنا أنقص" (إنجيل يوحنا 30: 3). ولذلك يقع عيد ميلاد يوحنا المعمدان (المولود قبل الميلاد الجسدى للسيد المسيح بستة شهور) فى 25 يونيو وهو أطول نهار وأقصر ليل يبدأ بعدها النهار فى النقصان والليل فى الزيادة.

 لكن فى عام 1582م أيام البابا جريجورى بابا روما، لاحظ العلماء أن يوم 25 ديسمبر (عيد الميلاد) ليس فى موضعه أى أنه لا يقع فى أطول ليلة وأقصر نهار، بل وجدوا الفرق عشرة أيام. أى يجب تقديم 25 ديسمبر بمقدار عشرة أيام حتى يقع فى أطول ليل وأقصر نهار، وعرف العلماء أن سبب ذلك هو الخطأ فى حساب طول السنة (السنة= دورة كاملة للأرض حول الشمس) إذ كانت السنة فى التقويم اليوليانى تحسب على أنها 365 يومًا و 6 ساعات. ولكن العلماء لاحظوا أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية أى أقل من طول السنة السابق حسابها (حسب التقويم اليوليانى) بفارق 11 دقيقة و14 ثانية ومجموع هذا الفرق منذ مجمع نيقية عام 325م حتى عام 1582 كان حوالى عشرة أيام، فأمر البابا جريجورى بحذف عشرة أيام من التقويم الميلادى (اليوليانى) حتى يقع 25 ديسمبر فى موقعه كما كان أيام مجمع نيقية، وسمى هذا التعديل بالتقويم الغريغورى, إذ أصبح يوم 5 أكتوبر 1582 هو يوم 15 أكتوبر فى جميع أنحاء إيطاليا. ووضع البابا غريغوريوس قاعدة تضمن وقوع عيد الميلاد (25 ديسمبر) فى موقعه الفلكى (أطول ليلة و أقصر نهار) وذلك بحذف ثلاثة أيام كل 400 سنة (لأن تجميع فرق ال11 دقيقة و 14 ثانية يساوى ثلاثة أيام كل حوالى 400 سنة), ثم بدأت بعد ذلك بقية دول أوروبا تعمل بهذا التعديل الذى وصل إلى حوالى 13 يومًا. ولكن لم يعمل بهذا التعديل فى مصر إلا بعد دخول الأنجليز إليها فى أوائل القرن الماضي (13 يوما من التقويم الميلادى) فأصبح 11 أغسطس هو 24 أغسطس. وفى تلك السنة أصبح 29 كيهك (عيد الميلاد) يوافق يوم 7 يناير (بدلا من 25 ديسمبر كما كان قبل دخول الإنجليز إلى مصر أى قبل طرح هذا الفرق) لأن هذا الفرق 13 يوما لم يطرح من التقويم القبطى.

أصل التقويم:
أولا: التقويم القبطى:
قال هيرودت المؤرخ الإغريقى (قبل الميلاد بحوالى ثلاثة قرون) عن التقويم القبطى (المصرى): [وقد كان قدماء المصريين هم أول من أبتدع حساب السنة وقد قسموها إلى 12 قسماً بحسب ما كان لهم من المعلومات عن النجوم، ويتضح لى أنهم أحذق من الأغارقة (اليونانيين)، فقد كان المصريون يحسبون الشهر ثلاثين يوماً ويضيفون خمسة أيام إلى السنة لكى يدور الفصل ويرجع إلى نقطة البداية] (عن كتاب التقويم وحساب الأبقطى للأستاذ رشدى بهمان). ولقد قسم المصريين (منذ أربعة آلف ومائتى سنة قبل الميلاد) السنة إلى 12 برجا فى ثلاثة فصول (الفيضان-الزراعة-الحصاد) طول كل فصل أربعة شهور، وقسموا السنة إلى أسابيع وأيام، وقسموا اليوم إلى 24 ساعة والساعة إلى 60 دقيقة والدقيقة إلى 60 ثانية وقسموا الثانية أيضا إلى 60 قسماً. والسنة فى التقويم القبطى هى سنة نجمية شعرية أى مرتبطة بدورة نجم الشعرى اليمانية (Sirius) وهو ألمع نجم فى مجموعة نجوم كلب الجبار الذى كانوا يراقبون ظهوره الإحتراقى قبل شروق الشمس قبالة أنف أبو الهول التى كانت تحدد موقع ظهور هذا النجم فى يوم عيد الإله الغظيم عندهم، وهو يوم وصول ماء الفيضان إلى منف (ممفيس) قرب الجيزة. وحسبوا طول السنة (حسب دورة هذا النجم) 365 يوماً، ولكنهم لاحظوا أن الأعياد الثابتة الهامة عندهم لا تأتى فى موقعها الفلكى إلا مرة كل 1460 سنة، فقسموا طول السنة 365 على 1460 فوجدوا أن الحاصل هو 4/1 يوم فأضافوا 4/1 يوم إلى طول السنة ليصبح 365 يوماً وربع. أى أضافوا يوماً كاملا لكل رابع سنة (كبيسة). وهكذا بدأت العياد تقع فى موقعها الفلكى من حيث طول النهار والليل. وحدث هذا التعديل عندما أجتمع علماء الفلك من الكهنة المصريين (قبل الميلاد بحوالى ثلاثة قرون) فى كانوبس Canopus (أبو قير حاليا بجوار الأسكندرية) وأكتشفوا هذا الفرق وقرروا إجراء هذا التعديل فى المرسوم الشهير الذى أصدره بطليموس الثالث وسمى مرسوم كانوبس Canopus .

و شهور السنة القبطية هى بالترتيب: توت, بابه, هاتور, كيهك, طوبة, أمشير, برمهات, برمودة, بشنس, بؤونة, أبيب, مسرى ثم الشهر الصغير (النسئ) وهو خمسة أيام فقط (أو ستة أيام فى السنة الكبيسة). ومازالت هذه الشهور مستخدمة فى مصر ليس فقط على المستوى الكنسى بل على المستوى الشعبى أيضاً وخاصة فى الزراعة. ولقد حذف الأقباط كل السنوات التى قبل الأستشهاد وجعلوا هذا التقويم (المصرى) يبدأ بالسنة التى صار فيها دقلديانوس امبراطوراً (عام 284 ميلادية) لأنه عذب وقتل مئات الآلاف من الأقباط , وسمى هذا التقويم بعد ذلك بتقويم الشهداء.

ثانياً: التقويم الميلادى
كان يسمى بالتقويم الرومانى إذ بدأ بالسنة التى تأسست فيها مدينة روما (حوالى 750 سنة قبل ميلاد السيد المسيح Christmas). وكانت السنة الرومانية 304 يوما مقسمة إلى عشرة شهور , تبدأ بشهر مارس (على أسم أحد الآلهه الأغريقية) ثم أبريل (أى أنفتاح الأرض Aperire بنمو المزروعات والفواكه) ثم مايو (على أسم الآلهه Maia) ثم يونيو (أى عائلة أو أتحاد) ثم كوينتليوس (أى الخامس) ثم سكستس (السادس) ثم سبتمبر (أى السابع) ثم أكتوبر (الثامن) ثم نوفمبر (التاسع) ثم ديسمبر (العاشر) ثم أضاف الملك نوما بومبليوس (ثانى ملك بعد روماس الذى أسس روما) شهرى يناير (على أسم الإله Janus) وفبراير Februa (أى أحتفال لوقوع أحتفال عيد التطهير فى منتصفه) وبذلك أصبح طول السنة الرومانية 12 شهراً (365 يوماً). ثم فى القرن الأول قبل الميلاد لوحظ أن الأعياد لا تقع فى موقها الفلكى , فكلف الأمبراطور يوليوس أحد أشهر علماء الفلك المصريين وهو سوسيجينيس Sosigene لتعديل التقويم ليصبح مثل التقويم المصرى فى وقته , حتى تعود الأعياد الإغريقية الثابتة فى مواقعها الفلكية وذلك بإضافة ربع يوم إلى طول السنة الرومانية 365 يوما وربع (مثل التقويم المصرى) وسمى هذا التقويم بالتقويم اليوليانى وذلك بإضافة يوم كل رابع سنة (السنة الكبيسة) لتصبح 366 يوماً. وهذا التقويم عدل بعد ذلك فى أيام البابا غريغوريوس الرومانى بطرح 3 أيام كل 400 سنة وسمى بالتقويم الجريجورى.

وفى القرن السادس الميلادى نادى الراهب الإيطالى ديونيسيوس أكسيجونوس بوجوب أن تكون السنة (وليس اليوم) التى ولد فيها السيد يسوع المسيح هى سنة واحد وكذلك بتغير إسم التقويم الرومانى ليسمى التقويم الميلادى بأعتبار أن السيد المسيح ولد عام 754 لتأسيس مدينة روما بحسب نظرية هذا الراهب. وهكذا ففى عام 532 ميلادية (أى1286 لتأسيس روما) بدأ العالم المسيحى بأستخدام التقويم الميلادى بجعل عام 1286 لتأسيس مدينة روما هى سنة 532 ميلادية (وإن كان العلماء قد إكتشفوا أن المسيح ولد حوالى عام 750 لتأسيس مدينة روما وليس عام 754 ولكنهم لم يغيروا التقويم حفاظاً على أستقراره إذ كان قد أنتشر فى العالم كله حينذاك).

وهكذا أصبح التقويم الميلادى هو السائد فى العالم وسميت السنة التى ولد فيها السيد االمسيح بسنة الرب , وهذه السنة هى التى تنبا عنها أشعياء النبى (أش 1: 61 ,2) وسماها سنة الرب المقبولة (سنة اليوبيل فى العهد القديم) إشارة إلى سنوات العهد الجديد المملوءة خلاصا وفرحا بمجئ الرب متجسداً ليجدد طبيعتنا ويفرح قلوبنا ويشفى المنكسرى القلوب, وينادى للمأسوريين (روحياً) بالاطلاق وللعمى (روحياً) بالبصر , ويرسل المنسحقين فى الحرية. وهذه هى سنة الرب التى تكلم عنها السيد المسيح نفسه قائلاً لليهود: "إنه اليوم قد تم (بميلاده) هذا المكتوب" (أنجيل لوقا 16: 4).

فلنسبح ميلاد المخلص قائلين مع الملائكة: "المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لو14: 2).

# مقال آخر يتناول هذا الموضوع باستفاضة:
تعتمد الكنيسة القبطية في حساب أعيادها علي التقويم القبطي الموروث من أجدادنا الفراعنة ومعمول به منذ دخول المسيحية مصر، أما الكنائس الشرقية فتعمل بالتقويم اليولياني المأخوذ عن التقويم القبطي، بينما الكنائس الغربية تعمل وفق التقويم الغريغوري الذي هو التقويم اليولياني المعدل.

التقويم القبطي:
التقويم القبطي هو التقويم الفرعوني أقدم تقويم في الأرض، إذ يرجع علي الأقل إلي عام 4241 ق م. وقد أتخذ المصري القديم أساس تقويمه نجم الشعري اليمانية المسمى باليونانية سيريون " Seirios " وأسماه بالمصرية "سيدت"، وهو ألمع نجم في السماء ينتمى كوكبه إلي مجموعة الدب الأكبر ويبعد حوالي 8.5 سنة ضوئية عن الأرض وشروقه الاحتراقي علي الأفق الشرقي قبل شروق الشمس وهو يوم وصول فيضان النيل إلي العاصمة "منف"، فحسبوا الفترة بين ظهوره مرتين فوجدوها 365 يوم وربع اليوم، وقسموها إلي ثلاثة فصول كبيرة وهي:

1 – فصل الفيضان " آخت "
2 – فصل البذور " برت
3 – فصل الحصاد " شمو "

ثم قسموا السنة إلي 12 شهراً؛ كل شهر 30 يوما، ثم أضافوا المدة الباقية وهي خمسة أيام وربع يوم وجعلوها شهرا وأسموه الشهر الصغير أو النسي علي أن يكون عدد أيامه خمسة أيام كل ثلاث سنوات وسميت سنوات بسيطة وإجمالي عدد أيامها 365 يوماً، وفي السنة الرابعة يكون عدد أيامه ستة أيام وسميت بالسنة الكبيسة وإجمالي عدد أيامها 366 يوماً.

وهذا التقسيم دقيق جدا بالنسبة للسنة الزراعية، ولهذا السبب أتخذه المصريين للعمل به ولم يتخذوا الشمس أساسا لتقويمهم، مع أنهم عرفوها منذ القدم وقدسوها ليس فقط، بل وعبدوها أيضاً "الإله رع" الذي أدخلوا أسمه حتى في تركيب بعض أسماء ملوكهم مثل خفرع ومنقرع ومن كاو رع ورعمسيس " إبن رع ". كذلك في أسماء مدنهم وقراهم مثل القاهرة " كاهي رع " أي أرض رع المطرية أو البطرية أي بيت رع ومدينة رعمسيس في أرض جاسان (خر 1: 11 تك 47: 11، خر 12: 27، عد 33: 3 ؛6).

التقويم اليولياني:
كانت السنة الرومانية سنة شمسية ومقسمة إلي اثنى عشر شهرا وعدد أيامها 365 وظلت هكذا إلي عهد الأمبراطور يوليوس قيصر الذي لاحظ اختلاف هذا التقويم عن التقويم المصري، ففي عام 45 ق م أصدر أمره لعالم فلكي من الإسكندرية يسمي سوسيجينس Sosigenc بأن يجعل يوم 25 مارس (أزار) أول الاعتدال الربيعي فجعل السنة الرومانية كالسنة المصرية تماماً وعدد أمامها 365 يوماً و6 ساعات "ربع اليوم"، معتمدا في حسابه علي دورة الأرض حول الشمس.

وجعل السنة تتكون من 12 شهرا فقط، بأن جعل يناير 31 يوماً، وفبراير 30 يوماً في السنوات الكبيسة و29 يوماً في السنوات البسيطة، ومارس 31 يوماً، وأبريل 30 يوماً، مايو 31 يوماً، ويونيو 30 يوماً، ويوليو 30 يوماً، وأغسطس 30 يوماً، وسبتمبر 30 يوماً، وأكتوبر 31 يوماً، ونوفمبر 30 يوماً، وديسمبر 31 يوماً.

لما تولي أغسطس قيصر أستبدل أسم الشهر الثامن الذي يلي يوليو باسم أغسطس تخليدا لذكراه وجعل عدد أيامه31 يوماً، جاعلا فبراير 28 يوماً في السنوات البسيطة، و29 يوماً في السنوات الكبيسة. وظل استعمال هذا التقويم ساريا في الشرق والغرب حتى قام البابا غريغوريوس الثالث عشر بابا روما سنة 1582 الذي لاحظ وجود خطأ في الأعياد الثابتة بسبب أن التقويم اليولياني الشمسي بنقص عن التقويم القبطي الشعري 11 دقيقة، 14 ثانية وأصبح هذا القرق 10 أيام حتي أواخر الفرن 16 فعمل علي تصحيحه، وهو ما عرف فيما بعد بالتعدبل الغريغوري أوالتقويم الغريغوري الذي عمل بمقتضاه الغرب إلي يومنا هذا.

التقويم الغريغوري:
لاحظ البابا غريغوريوس الثالث عشر بابا روما اختلاف موعد الأعياد الثابتة ناتج من استخدام التقويم اليولياني عما كان في أيام مجمع نيقية الذي أساسه التقويم القبطي سنة 325 م، بما قدر بعشرة أيام، لأن الاعتدال الربيعي بعد أن كان 21 مارس (أزار) الموافق 25 برمهات في أيام مجمع نيقية سنة 325 م أصبح يقع في يوم 11 مارس (أزار) في سنة 1825م. فلجأ لعلماء اللاهوت ليعرف السبب فأقروا ليس لديهم سبب لاهوتي أو كنسي لأن الأمر يرجع إلي الفلك، فرجع لعلماء الفلك ولاسيما الفلكيان ليليوس Lilius وكلفيوس Calvius فعللوابأن السبب مرجعه إلي أن الأرض تستغرق في دوراتها حول الشمس دورة واحدة ما يساوي 365 يوماً، 5 ساعات، 48 دقيقة، 46 ثانية، بينما كان يحسب في التقويم اليولياني 365 يوماً، 6 ساعات، فقط أي بفرق يساوي 11 دقيقة، 14 ثانية، ويتجمع هذا الفرق مكوناً يوماً واحداً كل 128 سنة. وهذه الأيام تجمعت منذ مجمع نيقية سنة 325 م إلي سنة 1825 م إلي عشرة أيام.

ولما استقر البابا غريغوريوس علي علاج هذا الخطأ، فقرر علماء الفلك أجراء هذا التعديل: بأن نام الناس ليلة 5 أكتوبر استيقظوا صباح اليوم التالي علي أنه 15 أكتوبر لتلافي العشرة أيام التي تجمعت من أيام مجمع نيقية. كما ننام نحن عند ضبط الساعة الصيفية بإرجاع الساعة إلي الخلف ونعود ننام لنرد الساعة مرة أخري عند بدء التوقيت الشتوي.

كما وضعت قاعدة لضمان عدم زيادة هذه الأيام في المستقبل بحذف 3 أيام من كل 400 سنة لأن كل 400 سنة تحتوي علي 100 سنة كبيسة حسب التقويم اليولياني الذي يحسب السنة الرابعة كبيسة بلا قيد أو شرط.

أما التقويم الغريغوري فقرر عدم احتساب سنة القرن " التي تحتوي علي الصفرين من اليمين في الأحاد والعشرات " أنها كبيسة ما لم تقبل هذه السنة القرنية القسمة علي 400 "أربعمائة" بدون باقي، وعلي ذلك تكون سنة 1600، 2000 كبيسة في كلا من التقويم اليولياني والغريغوري، أما السنوات 1700،1800،1900، فتكون كبيسة في التقويم اليولياني وتكون بسيطة في التقويم الغريغوري.

معنى ذلك أن يكون هناك فرق بين التقويم اليولياني والتقويم الغريغوري ثلاثة أيام كل 400 سنة. كل وهذا لضمان رجوع الاعتدال الربيعي وكذلك الأعياد الثابتة إلي ما كان عليه أيام مجمع نيقية.

هذا هو السبب الذي جعل عيد الميلاد عند الغرب 25 ديسمبر. وأما عند الشرق 7 يناير حسب تقويمهم اليولياني. وجدير بالذكر ان هذا الفرق قد أصبح إلي يومنا هذا 13 يوما وسوف يزداد هذا الفرق في المستقبل فماذا يفعل الغرب؟!

أما نحن الأقباط فنعيد بالتقويم القبطي ليلة 29 كيهك كل ثلاث سنوات وذلك في السنوات البسيطة أي التي تقبل القسمة علي 4 ويكون الباقي 3. ثم في السنة الرابعة التي تقبل القسمة علي 4 بدون باقي فنعيد ليلة 28 كيهك لتكون فترة الحمل الفعلية بالسيد المسيح ثابتة وهي تسعة أشهر كاملة من عيد البشارة 29 برمهات حتي موعد عيد الميلاد وهي "275 يوما" حسب تقويمنا القبطي ويوافق هذا التاريخ ما يوافق من هذين التقويمين لأن من شأن هذا الأختلاف أن يحدث يوما كاملا كل 128 سنة مما يجعله يرحل اليوم المقابل له في التقويم الغربي يوم واحد كاملا.

فإذا جاء عيد الميلاد 28 كيهك "7يناير" تكون ليلة 28 هي عشية العيد ويقرأ في القداس مساءً قراءات 29 كيهك ويكون يوم 29 "8 يناير" هو العيد ويقام فية القداس صباحا ويقرأ فيه أيضا قراءات 29 كيهك، حتي لو كان يوم أحد، وفي البرامون 27 كيهك "6 يناير تقرأ فصول 28 كيهك.

إذا جاء يوم 30 كيهك يوم أحد تقرأ فصول 30 كيهك ولا تقرأ فصول الأحد الخامس لأنها تتكرر ولا تناسب ثاني أيام العيد.

عيد الميلاد المجيد مناسباته:
29 عيد الميلاد المجيد. وذلك في السنوات البسيطة التي تقبل القسمة على أربعة ويكون هناك باقي ويكون عدد أيام شهر النسي 5 أيام. أما في السنوات الكبيسة والتي تقبل القسمة على أربعة بدون باقي. فيكون عيد الميلاد يوم 28 كيهك، لأن شهر النسي يكون 6 أيام. وذلك حتى تظل مدة الحمل بالسيد المسيح ثابتة وهى (275 يوما) وهى فترة الحمل الطبيعية وهى الفترة بين عيد البشارة 29 برمهات وعيد الميلاد، وهذا يتكرر كل أربعة سنوات قبطية ولا دخل لنا بالتقويم الميلادي اليولياني أو الغريغوري.

توزيع الشماس للقمة البركة


توزيع الشماس للقمة البركة
هل يجوز للشماس أن يقطع ويوزع لقمة البركة على الشعب فى الكنيسة كما يحدث فى كنيستنا، فى؟ وهل يجوز أن يحدث هذا أثناء توزيع الكاهن للأسرار المقدسة، انقاذاً للوقت، حتى ينصرف الشعب بسرعة؟

الرد:
المفروض أن الكاهن هو الذى يوزع لقمة البركة (الأولوجية) على الشعب، فى انصرافهم من الكنيسة، بعد نهاية القداس وتلاوة البركة على الشعب. وحينما يأخذ المؤمنون هذه الأولوجية من اليد التى كانت تحمل جسد المسيح منذ دقائق، يكون لهذ الأمر وقع أفضل فى قلوبهم، شاعرين أن البركة من يد الأب، من يد كاهن الله وأيضاً فى توزيع الكاهن للبركة فرصة له يعرف بها من حضر إلى الكنيسة، ومن غاب، فيسأل عنه ويسعى إلى افتقاده. وأحياناً تكون فرصة يقول بعض ألفاظ لشعبه، أو يقولون له. إنها صلة على أية الحالات لها نفعها فرصة قد يقول فيها لأحدهم عبارة تهنئة، ولآخر عبارة تعزية، ولآخر عبارة تشجيع أو عبارة دعاء وقد يطلب فيها البعض موعداً أو صلاة لأمر ما، أو يعد فيها آخر بزيارة قريبة وهى فرصة أيضاً يأخذ فيها الشعب بركة أبيهم الكاهن، ويسلمون عليه قبل انصرافهم من الكنيسة أما الشماس فهو واحد منهم وعموماً يندر أن يوجد حالياً أحد فى درجة شماس كامل (دياكون)، متفرغ للخدمة، ويلبس ملابس الاكليروس. غالبيتهم فى درجة أغنسطس أو ايبدياكون، لا أكثر. أما توزيع لقمة البركة، أثناء توزيع الأسرار المقدسة، فهذا أمر غير لائق بتاتاً وهو انشغال عن تلك السرائر الإلهية بشئ آخر، ولا يليق فى تلك اللحظات سوى التسبيح. وعبارة (إنقاذاً للوقت) تعليل غير مقبول، فالوضع الروحى أولاً، وله الأهمية. أما الوقت فيمكن التحكم فيه بطرق أخرى. ولا يجوز أن نخطئ روحياً بحجة الوقت! كمن ينصرف من الكنيسة قبل البركة والتسريح، بحجة الوقت! أو من يخرج من الكنيسة أثناء القداس، وفى لحظات مقدسة، بحجة الوقت!!

توتر الأعصاب


توتر الأعصاب
كثيرا ما أجد أعصابى متوترة. فما هو علاج ذلك؟ وماذا أفعل عندما تكون أعصابى متوترة؟ وما هى الأسباب التى تؤدى إلى توتر الأعصاب؟

الرد:
 أسباب توتر الأعصاب بعضها جسدية، والبعض نفسية أو روحية.
 1-فمن ضمن الأسباب الجسدية: التعب ولإرهاق.
فالأعصاب تتعب ضمن الجسد المتعب، وتكون لا تحتمل فيها شيئا، وأى ضغط عليها، واية إثارة، تسبب لها توتراً يظهر فى تصرفات الإنسان وانفعالاته
والأعصاب أيضاً تعب من الإرهاق وقلة الراحة.
مثلها فى ذلك مثل أى عضو آخر فى الجسد يتعب من الإرهاق. لك يحتاج الإنسان إلى الراحة والأسترخاء، لأن العمل المتواصل يعرض الأعصاب إلى الإرهاق حتى لو كانت هذه الراحة مجرد دقائق بسيطة بين فترة من العمل والأخرى. كما يحدث مع تلاميذ المدارس بين حصة وأخرى. ويسمونها بالإنجليزية Break، لأنها تكسر حدة العمل المتواصل. وتريح الجسد. وبالتالى تريح الأعصاب.
لقد منحنا الله يوم راحة فى الأسبوع، لأنه يعلم أن طبيعتنا تحتاج إلى ذلك.
إنه هو الذى خلق طبيعتنا، ويعلم أن العمل المتواصل يتعبها، لذلك أعطانا السبت Sabbath (ومعناها الراحة) وقال لنا " لا تعمل فيه عملاً ما " (تث 5: 14). وكانت هذه الوصية لخير الإنسان، ولراحة جسده وأعصابه. وهكذا قال الرب " السبت إنما جعل لأجل الإنسان، وليس الإنسان لأجل السبت " (مر 2: 27).
لذلك احترس من أن تدخل فى لقاء متعب أو حوار ساخن، وأنت مرهق جسدياً
فأعصابك – كجزء من جسدك – تكون مرهقة كجزء من جسدك المرهق، ولا تكون محتملة بينما نفس اللقاء أو الحوار، وإذا تم وأنت مستريح جسديا وعصبيا، يمر بطريقة أسهل لا تهمل فترات الراحة والاسترخاء اللازمة لك، ولا تظنها لوناً من الترف بل أنت تستطيع بها أن تتصرف بأسلوب روحى، بعيداً عن النرفزة.
ونصيحتى لك، لا تدخل فى نقاش أو جدل مع شخص مرهق جسدياً. ولا تطلب طلباً هاماً يحتاج إلى التفكير من شخص متعب، لأن حالته الصحية ربما لا تساعده على التفكير العميق أو البت فى أمر حيوى فى حالة التعب. والإصرار على الطلب أو المناقشة فى مثل الحالة يكون ضغطاً على أعصابه.

2-وقد يكون السبب فى التوتر، هو مرض الأعصاب.
فإن كانت الأعصاب مريضة، إنها لا تحتمل كثيراً، وتتوتر بسرعة. وهذه حالة تحتاج إلى علاج.
هناك أيضاً أعصاب، لها أطباء متخصصون.
وهى لا تشين الإنسان فى شئ، ولا تسئ إلى سمعته. وقد تكون لها اسبب عضوية بحته، لا علاقة لها بنفسية الإنسان ولا بعقله فأى عصب فى الإنسان أصابة ضرر، ربما بسبب ضغط عليه، أو كسر، أو حادث إلى علاج
إنسان مثلا يشكو مرضا فى العمود الفقرى، فيه العظام تضغط على الأعصاب فتتعبها، وتلهبها. وهكذا يشكو الإنسان من أعصابه، من غير نرفزة. ولكنه قد يكون فى هذه الحالة غير محتمل لأى سبب يضايقه من الخارج.

3-وقد يكون طبع الإنسان عصبيا، بحيث يثور بسرعة.
ويحتد، ويرتفع صوته، وتتغير لهجته، وتتجهم ملامحه. وهذا الأمر يحتاج إلى علاج روحى بترك الغضب، والتدريب على الهدوء وحسن معاملة الآخرين.

4-لذلك إبعد عن مسببات الغضب. وقد كتبت لك فى كتاب الغضب، فصلا طويلاً عن (علاج الغضب) يمكنك قراءته، لتبعد عن النرفزة. وكلمة نرفزة مشتقة من كلمة Nerves بمعنى أعصاب – فابعد بقدر إمكانك عن كل ما يتعبك ويثيرك، حتى تكون فى جو من الراحة يساعدك على عدم الاستثارة بسرعة.

5-وقد يكون سبب توتر الأعصاب: طبع العنف، والتزمت.
فالإنسان الذى يتخذ العنف منهجاً فى حياته، تكون تصرفاته مصحوبة بالتوتر، ولا يقبل نقاشاً ولا تفاهما، ويحاول أن يصل إلى نتيجة بسرعة ومن أقصر الطرق، وبشدة فلو قوبل عنفه بعنف، يزداد الأمر توتراً من الجانبين.
كذلك الإنسان المتزمت، لا يكون واسع الصدر، ولا واسعاً فى تفكيره. وتزمته يجعله يضيق على نفسه وعلى غيره أيضاً. ويكون التعامل معه مشحوناً بالتوتر.
دائما تجد الأشخاص المتزمتين ملامحهم عابسة، بجدية متحفزة، وعيون ملتهبة، وأعصاب مستعدة للهجوم مع تعليقات متشددة قاسية: هذا خطأ، وهذا حرام، وهذا لا يليق
والمتزمت قد يقيم نفسه رقيبا عل جميع الناس، ومصلحا للمجتمع كله، يصلح الكبار كما يصلح الصغار، والذين يعرفهم والذين لا يعرفهم! إنه ثورة على كل شئ، فى كل مكان، وفى كل مناسبة، وبلا مناسبة!!
ولا تتدخل فيما لا يعنيك، لا تحاسب إلا على ما هو حدود مسئوليتك الخاصة. أما ما هو خارج مسئوليتك، فلا تحشر نفسك فيه. وقل لنفسك " من أقامنى قاضيا أو مقسماً؟! " (لو 12: 14) بهذا تستريح أعصابك وتهدأ. لأن الضعفاء، أعصابهم متعبة

6-وقد يكون سبب التوتر هو حالة نفسية:
مثل القلق أو الاضطراب، أو الخوف، أو الخجل، أو التردد. ففى هذه الحالات وأمثالها قد تتوتر الأعصاب، وبخاصة إن لم تجد حلا أمامها، أو لم تجد وسيلة للتعبير عما تريد ويحتاج الإنسان هنا أن يهدئ نفسه من الداخل، أو يعالج هذا التعب النفسى فيه بصفة عامة، فيزول التوتر الذى هو من نتائجة

7-كذكل تتعب الأعصاب، بسبب طريقة الأفكار الخاطئة.
فهناك أشخاص عقلهم ضدهم. دائما يفكرون بطريقة تتعبهم وتهيجهم وتشد أعصابهم. كالشخص السوداوى فى أفكاره، الذى لا يتخيل إلا شراً، ولا يتواقع إلا أسوأ الظروف وانتائج. فهذا أفكاره تتعبه. ومثله الإنسان المعقد فى التفكيره. وكذلك الإنسان الملتهب، الذى يفكر بسرعة شديدة، بدون ترو أو هدوء، فيلهب أعصابه معه " وتتمدد أعصابه بالحرارة " التى فى داخل نفسيته! وبالمثل الإنسان الشكاك، أعصابه أيضاً متعبة
ويريح أعصابك أن تتعود على البشاشة.
وأن يدخل فى حياتك روح المرح. ففى حالة المرح. ففى حالة المرح والضحك تنبسط الأعصاب بعد توترها، وتهدأ. لذلك يقال فى العامية، فلان " أنبسط " أو مبسوط "
والمشكلة أن البعض فى نسكياتهم، يعلمون أن الضحك حرام، بينما يقول الكتاب " للبكاء وقت، وللضحك وقت " (جا 3: 4) فعلى الأقل إن لم يكن لك روح المرح، فليكن لك روح الفرح. ويقول الرسول " افرحوا فى الرب كل حين، وأقول ايضاً افرحوا " (فى 4: 4). وقد وضع الفرح فى مقدمة ثمار الروح " محبة وفرح وسلام " (غل 5: 22). والذين يحيون فى فرح، لا تتعب أعصابهم.

8-من الأشياء التى تتعب العصاب ايضاً الأمراض النفسية.
فالمريض بالخوف أو القلق، باستمرار تجد أعصابه متعبة. كذلك الذى يقاسى من التردد أو من الخجل، تجد أعصابه متعبة، بسبب تردده أو بسبب خجله. إذا انصلجت النفس من الداخل، هدأت الأعصاب أيضاً.

9-وقد يكون سبب التوتر الإنشغال وعدم التفرغ.
فالإنشغال قد لا يعطى مجالاً للتفاهم، وبخاصة لو كان الشخص المنشغل يريد أن ينتهى من عمله بسرعة، أو فكره مركز فى موضوع معين لا يستطيع تركه للتفكير إن كان وقته ضيقا، ويحتاج إلى دقيقة أو كل لحظة.
ونصيحتى أن تكم الناس، حينما يكونون متفرغين للحديث معك. ولا تضغظ على من يكون منشغلاً
وتوجد أسباب للتوتر من خارج الإنسان وليس من داخله.
من أسباب توتر اعصاب أيضاً الضغوط الخارخية، مع خطأ التعامل معها Response من المشاكل والضيقات والمتتابعة، أو التى تكون صعبة الحل وقد يكون سبب التوتر أخطاء الآخرين ونتائجها، أو سوء معاملتهم واهاناتهم وألفاظهم القاسية.
كل إنسان فى الدنيا معرض لضغوط؟ أم أن الأمر يتوقف على مدى الاستجابة لها؟!
قد يلاقى البعض تلك الضغوط باحتمال وصبر، أو يقابلها بتفكير وحكمة ويصرفها. والبعض يقابلها بلا مبالاة، والبعض يقابلها بروح المرح. والبعض يجعلها خارج نفسه، لا تدخل اطلاقا إلى داخله والبعض يقابلها بانفعال وغضب، والبعض يقابلها بحزن أو بيأس. وهذان الأخيران يتعبان أعصابهما

10-وقد يتسبب التوتر فى سماع الأحاديث المتعبة:
إما أن تكون متعبة من نوعيتها، أو فى تكرارها، أو فى طولها بحيث تستغرق وقتاً أكثر مما تستحق، أو تكون تافهة ومستمرة، أو ومستمرة، أو أن السامع لا يريد هذا النوع من الحديث. ومع ذلك فالمتكلم لا يشاء أن يصمت نصيحتى لك أن تكلم من له أذنان للسمع.
إنسان مشدود الأعصاب، قد يشد أعصاب غيره بحديثه. وكثيرون يثيرون غيرهم بطريقة كلامهم. نصيحتى لك أن تتجنب هذا النوع.

9-مما يتعب الأعصاب الإلحاح المستمر، وكذلك الإطالة والتكرار
فإنسان مثلا يطلب منك طلبا، فتعده بذلك، وقد يحتاج منك ذلك الأمر وقتا للتنفيذ. ولكنه خلال هذا الوقت يلح ويلح بطريقة تتعبك. وتقول له " حاضر. أنا فاكر " (ولكنه يلح. ويكرر الكلام طويلاً. ويكون كل ذلك ضغطاً على أعصابك
وكما يقول المثل " صاحب الحاجة أهوج ". فكثيراً ما يلح صاحب الحاجة إلحاحاً يأتى بنتيجة عكسية: فبدلا من أن ينال حاجته، تثير بإلحاحة أعصاب من يطلب منه وبخاصة لو كان كان الطلب يحتاج إلى وقت أو إلى تفكير، والذى يطلب يريد الآن وبسرعة، ويلح ويضغط
وبالمثل إنسان يشرح لك شيئا، فتعرفه " قد فهمت " ويظل هو يشرح ويشرح، ويطيل ويكرر الكلام، حتى تسأم. ويستمر فى اطالته، فتتعب أعصابك
وأحياناً تتوتر الأعصاب بسبب الأخبار.
الأخبار المزعجة، والمقلقة، والمثيرة. وكذلك الأخبار التى يشعر الإنسان إنها تحوى مغالطة، أو تحوى ظلماً، أو تسبب شراً والأخبار المغرضة. والأخبار التى لا يمكنك تصديقها، ويصر ناقلها على اقناعك بها بأية وسيلة.! ويدخل فى هذا أيضاً الأخبار المختلفة التى لا أساس لها من الصحة.
ولذلك فالبعد عن مثل هذه الأخبار يسبب راحة للنفس وللعصاب. ومن هنا كان المتوحدون أهدأ أعصابً، وأكثر سلاماً، من غيرهم
نصيحتى لك: كل ما تسمعه أو تقرأة من أخبار، يمكن أن يضاف إلى معلوماتك، وليس إلى أعصابك. ويمكنك أن تقوم بتحليل المعلومات، وقبول ما يصلح منها، دون أن تدخل فى جدول متعب وبعض الأخبار يحسن البعد عنها
 أولا بمعالجة الأسباب، وبالتدريب على الهدوء والسلام الداخلى. وتساعد الراحة والاسترخاء على هدوء الأعصاب. وكذلك تفيد الرياضة والمشى مما يبدد طاقة الأعصاب الملتهبة.
و التغذية السليمة لازمة، لأن الأعصاب أيضاً تحتاج إلى غذاء، كما تحتاج إلى الدواء، غلى الاسترخاء
وأيضاً تداريب التنفس العميق فى هواء طلق وتصلح لذلك أيضاً الموسيقى الهادئة.
ويمكن لإراحة الأعصاب المتوترة: القراءة التى تحول الفكر من منطقة التوتر إلى موضوعات أخرى
وكذلك التحدث من أناس هادئين يمتص منهم المتوتر هدوءاً. ومما يريح من توتر الأعصاب التدرب على البشاشة وروح المرح.
وتوتر الأعصاب يعالج قبل كل هذا بالحياة الروحية السليمة. فالإنسان الروحى بعيد عن توتر الأعصاب. والإنسان المؤمن بعناية الله ورعايته يكون بعيداً عن القلق والاضطراب والخوف وسائر العوامل النفسية التى تتعب الأعصاب، كما يكون وديعاً هادئا بعيداً عن الغضب، حسن التعامل مع الناس.
نصيحة أخيرة: تدرب على السلام الداخلى، فتستريح أعصابك.

توبة المريض


يقلل البعض من قيمة توبة المريض، على إعتبار أنه فى حالة إحتياج إضطرته إلى التوبة. ويقولون فى ذلك عبارة "توبة المريض توبة مريضة". فما رأى الكنيسة فى هذه العبارة؟·

1- الذى يحكم على التوبة، هو الله فاحص القلوب. فالله – وليس نحن – هو الذى يعرف هل توبة المريض توبة حقيقية من قلبه، أم توبة ظاهرية مؤقتة؟ وهل سيبقى المريض فى توبته بعد شفائه أم يتغير؟ أما أن نحكم نحن حكماً عاماً على جميع المرضى بأن توبتهم مريضة، فهذا حكم ظالم، وعن غير علم بما يدور فى قلوبهم من مشاعر، وفيه أيضاً خلط بين التائب الحقيقى وغير الحقيقى..!!
2- قد يسمح الله بالمرض، كوسيلة تقرّب الناس إليه. إن إصابة إنسان بمرض شديد، أو إحتياجه إلى إجراء عملية خطيرة، قد يؤثر فيه أكثر من عشرات العظات، وأكثر من قراءة كتب روحية عديدة، إذ قد يذكرّه باحتمال الموت ووجوب الإستعداد له، فيلجأ إلى التوبة، طالباً منه الرحمة والمغفرة والشفاء. وكل ذلك بقلب صادق جداً وبمشاعر حقيقية.
3- وإن قيل إنها توبة فى حالة ضيقة، فالله نفسه يقول: "ادعنى وقت الضيق، أنقذك فتمجدنى" (مز50: 15). إذن الله يقبل الصلاة فى وقت الضيق، بل يدعو إليها. ولا يقول إنها صلاة مريضة، أو صلاة مرفوضة أو مضطرة!! كلا.. بل إن الله يسمح بالضيقات – ومنها الأمراض – ليجذبنا بها الله. وما أكثر الذين صلوا إلى الله فى ضيقاتهم. واستجاب الله تلك الصلوات، ولم يقل إنها بدافع من الضيق، وليست بدافع من الحب. والأمثلة على ذلك لا تدخل تحت حصر، ويكفى فيها أن نذكر قول المرتل فى المزمور: "فى ضيقى صرخت إلى الرب، فاستجاب لى" (مز120: 1). وأيضاً قوله "فى ضيقى دعوت الرب، وإلى الهى صرخت. فسمع من هيكله صوتى. وصراخى قدامه دخل أذنيه" (مز18: 6). أنظر أيضاً (مز77: 2) (مز86: 7).
4- ولا ننسى صلاة يونان النبى فى بطن الحوت. إنها ليست مجرد صلاة إنسان فى مرض محتمل الشفاء. إنما صلاة إنسان فى حكم الموت. ومع ذلك قال "دعوت من ضيقى الرب فاستجابنى. صرخت من جوف الهاوية، فسمعت صوتى" (يون2: 2). ولم يقل الرب إنها صلاة مريضة، أو إنها توبة مريضة فى قول يونان "حين أعيت فىّ نفسى، ذكرت الرب. فجاءت إليك صلاتى" (يون2: 7). بل استجاب له الرب ونجاه، وأخرجه من جوف الحوت، على الرغم من أن الرب كان يعلم إنه بعد هذه النجاة، سوف يغتم يونان ويغتاظ، لما قبل الرب توبة نينوى (يون3: 10،4: 1). وقد قبل الرب توبة اللص على الصليب. ولم تكن مجرد كتوبة أحد المرضى الذين بينهم وبين الموت شهور أو سنوات أو حتى أيام، أو كتوبة مرضى يمكن أن يشفوا.. بل كانت توبة اللص هى توبة إنسان بينه وبين الموت ثلاث أو أربع ساعات.. ومع ذلك لما قال فى توبته "اذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك" قبل الرب توبته واستجاب له قائلاً "اليوم تكون معى فى الفردوس" (لو23: 43). ولم يقل له مطلقاً إنها توبة مريضة!!
5- حقاً إن الناس ليسوا مثل الله فى طيبته ولطفه وقبوله لتوبة الخطاة!! ولذلك حسناً قال داود النبى "أقع فى يد الله – لأن مراحمه كثيرة – ولا أقع فى يد إنسان" (2صم24: 14). إن وقع مريض تائب فى يد إنسان قاس، يقول إن توبة هذا المريض هى توبة مريضة! أما عند الله، فتوبة هذا المريض مقبولة.
6- يكفى فى ذلك قول الرب: "من يقبل إلىّ، لا أخرجه خارجاً" (يو6: 37). من يقبل إليه فى أى وقت، وتحت أية ظروف، حتى أصحاب الساعة الحادية عشرة، حتى الإبن الضال الذى رجع إلى أبيه، حينما قرصه الفقر والعوز والإحتياج فجاع واشتهى خرنوب الخنازير ولم يعطه أحد (لو15: 16).. ولم يقل له أبوه إن توبته مريضة، لأن الدافع إليها هو الجوع!! بل قبله إليه، وذبح له العجل المسمن، وفرح بتوبته.
7- لذلك لا يجوز لنا أن نحتقر توبة أحد!! ولا نقلل من شأن توبته، بحكم قاس ظالم. وإن كان الله يفرح بتوبة التائبين، وتفرح معه ملائكة السماء (لو15: 7، 10). فهل نجرؤ نحن إلى هذا الحد الذى فيه ندين توبة المرضى، بغير معرفة بحالة قلوبهم، وبحكم عام يشمل الكل؟!
8- وإلا لماذا نناول المريض من الأسرار المقدسة؟! ليس فقط حينما يأتى إلى الكنيسة ويحضر القداس. بل الأكثر من هذا، يذهب إليه الأب الكاهن فى البيت أو المستشفى، ويقدم له الأسرار المقدسة، والمعروف أنها لا تقدم إلا للتائبين. معنى هذا إذن: قبول توبته، وليس إدانتها بأنها توبة مريضة!!
9- ونحن نقدم للمرض سراً كنسياً آخر، هو سرّ مسحة المرضى وندهنه بالزيت المقدس، ونصلى من أجله سبع صلوات. ولا نسأله عن صحة توبته، وإنما يكفى أنه تائب.

تنفيذ الوصايا خوفا من عقاب المسيح


أنا ملتزمة بوصايا الله خوفاً من العقاب في الآخرة، وليس حباً للمسيح. أرجو تصحيح ذلك.

الجواب: لا مانع أن تبدأ حياتك الروحية بالمخافة، ثم تتطور إلي المحبة. فالكتاب المقدس يقول: " بدء الحكمة مخافة الرب " (أم 21: 9)، " ورأس الحكمة مخافة الرب " (مز 10: 111). ومخافة الله لم يمنعها الكتاب. بل أنه قال " لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلونه أكثر. بل أريكم ممن تخافون. خافوا من الذى بعد ما يقتل، له سلطان أن يلقى في جهنم. نعم أقول لكم: من هذا خافوا " (لو 5،4: 12). فكرر مخافة الله ثلاث مرات.. ولكن المخافة هى أول الطريق. ثم تتطور. وكيف ذلك؟ بمخافة الله تطيعين وصاياه. وبممارسة الوصايا، تجدين لذة فيها، فتحبين الوصايا ثم تحبين الله معطيها. وهكذا تقودك المخافة إلي المحبة. وقد لا تكون محبة الله هى أول الطريق عند كثيرين. ولكنها تكون قمة ما يصل إليه الإنسان من روحيات، وتتخلل كل عمل روحى يعمله. ومن غير المعقول أن تبدئى بالقمة.. وقد يبتعد الإنسان عن الخطية خوفاً من نتائجها. وباستمرار البعد عنها، يصبح ذلك طبعاً فيه، ولا يبذل جهد لمقاومة مثل هذه الخطية. وبالتالى يسير في حياة الفضيلة المقابلة لها. فلا تتضايقى من البدء بالمخافة. أعتبريها مجرد مرحلة تتطور إلي المحبة، وتبقى بعد ذلك في القلب هيبة نحو الله، وأحترام وتوقير وخشوع، وطاعة لوصاياه، مع وجود الحب. إن الكتاب وصف قاضى الظلم بأنه لا يخاف الله (لو 3،2: 18).

تناول المرأة الطامث


تناول المرأة الطامث
هل يجوز للمرأة الطامث أن تتناول؟ وإن كان لا، فلماذا؟ بينما هذا شئ طبيعى لا ذنب لها فيه؟! وإن جلست فى بيتها، فهل يجوز لها الصلاة وقراءة الكتاب وباقى ألوان العبادة الخاصة؟

الرد:
فى البيت يجوز لها أن تعبد الله كما تشاء، أما أن تتناول فى الكنيسة أو خارجها، فهذا غير جائز إطلاقاً لا يجوز لإنسان أن يتناول، إن كان يفيض دم من جسده، سواء ذلك فى الرجل أو المرأة، وكذلك أى فيض من الناحية الجنسية. وهذا واضح فى الكتاب وكثيرة هى النصوص الكتابية وكثيرة هى قوانين الكنيسة، التى تثبت هذا الأمر، الذى أصبح بديهياً فى عقول الناس ولعل البعض يسأل: ولكن الرجال لا يعاملون هكذا، فإنهم إن احتلموا، أو نزل فيض من جسدهم، يدخلون الكنيسة، ولا يمنعهم أحد، ولا تمنعهم القوانين، فلماذا المرأة إذن؟ والجواب هو أنه أقصى ما يسمح للرجل أن يدخل الكنيسة بعد أن يتطهر جسدياً، ولكن لا يسمح له بالتناول على أن هناك فارقاً أساسياً بين الرجل والمرأة فى فيض الجسد، وهو أن الأمر طارئ وقتى بالنسبة للرجل، ولكنه مستمر لأيام بالنسبة إلى المرأة. وهنا تبدو المساواة: إن كان عند الرجل مستمر، يمنع هو أيضاً من دخول الكنيسة، تماماً. يبقى السؤال: ماذنب المرأة، وهذا شئ طبيعى؟ لا ذنب. ولكن الله يريد أن يذكرنا دائماً بالخطية الأولى. فإن تذكرنا الخطية الأولى. نحس قيمة الفداء المدفوع عنا. الخطية أجرتها الموت. ومع أن المسيح مات عنا، إلا أنه ترك علامة للذكرى، سواء للرجل " بعرق جبينه يأكل خبزاً " أو للمرأة " بالوجع تحبلين وتلدين " (تك). فى حالة الحبل، تنقطع عادة المرأة، وتتذكر الخطية الأولى عن طريق أوجاع الحمل، ثم الولادة ثم النفاس وفى غير فترة الحمل تتذكر خطيئتها بالطمث وما يتبعه عن امتناع جميع المقدسات، وليس فقط التناول والكنيسة أما الرجل فيتذكر الخطية الأولى بالتعب من أجل رزقة كل أيام حياته. والذكرى هى الهدف، والوسيلة تختلف ليت هذا الأمر يقودنا إلى المنفعة الروحية، لا إلى التذمر.

تلاميذ المسيح الاثنى عشر


لماذا إختار يسوع إثنى عشر تلميذاً؟!
الإجابة:

هناك العديد من الآراء في هذا الأمر.. فيوجد رأي يقول أنه هذا مثال للأربع زوايا الأرض (شمال – جنوب – شرق – غرب) مضروباً في 3 (رمز الثالوث الأقدس)، أي 4×3=12
ويخبرنا علم النفس أن هذا الرقم هو رقم جيد، وقد وجد هؤلاء الذين يقودون جماعات أن رقم 12 هو عدد جيد لفصول مدارس الأحد ودراسات الكتاب المقدس، وهو عدد كافي لتوفير آراء مختلفة ومتنوعة، وفي نفس الوقت صغير ليتم التعارف الجيد بين بعضهم البعض..
أما الرأي الغالب فهو أن رقم 12 هو رقم الكمال في التقسيم الحكومي..
- في العهد القديم نجد شعب إسرائيل مقسماً إلى 12 سبط، بهم 12 رئيس.
- و الإثنى عشر تلميذاً سيصبحون نواة لإسرائيل العهد الجديد: 12 كرسي في الدينونة (مت28: 19) – 12 بوابة من أحجار كريمة – إثني عشر ثمرة في أورشليم الجديدة (رؤ12: 21؛ 2: 22).
- ونظراً لدراية التلاميذ بأهمية هذا الأمر، سارعوا بإحلال يهوذا الخائن بتلميذ آخر.

# ومن الجدير بالذكر أن الإثنى عشر كانوا يكملون بعضهم البعض:
- كلهم عدا واحد قابلوا السيد المسيح في العلية (مع ملاحظة أن توما كان هو الغائب).
- كلهم حل عليهم الروح القدس يوم الخمسين وقاموا بعمل آيات وعجائب.
- في وقت قتل إسطفانوس، بقي التلاميذ في أورشليم، في حين أن باقي المؤمنون تفرّقوا..
- تشاوروا معاً حول قبول شاول الطرسوسي (بولس الرسول) معهم.
- أسّسوا أول مجمع كنسي مع آباء الكنيسة الأول.

وقد قال السيد المسيح لرسله الاثنى عشر: "متى جلس ابن الانسان على كرسي مجده، تجلسون أنتم أيضاً على اثنى عشر كرسياً، تدينون أسباط إسرائيل اثنى عشر." (مت28: 19).
فمن الواضح أن السيد المسيح قد اختار تلاميذه بنفس عدد اسباط اسرائيل أو أبناء يعقوب الاثنى عشر. فمن الإثنى عشر سبطاً تكونت كنيسة العهد القديم في إطار محدود، وبالإثنى عشر رسولاً تكونت كنيسة العهد الجديد في المسكونة كلها.

وهناك العديد من النقاط الأخرى في هذا الأمر:
أولاً: من الملاحظ أن السنة تتكون من إثنى عشر شهراً، أي أن الزمان يكمل بالنسبة للأرض بالإثنى عشر شهراً. مثل قول الرب لإبراهيم حينما ظهر له عند بلوطات ممرا: "إني أرجع إليك نحو زمان الحياة، ويكون لسارة امرأتك ابن" (تك10: 18). والمقصود هنا أنها سوف يكون لها ابن في نفس الموعد من العام التالي.

وفي العام الواحد أي في إثنى عشر شهراً تكمل الأرذ دورة كاملة حول الشمس. تكمل كل فصول السنة بكل ما فيها من متغيرات. وكمال العام بإثنى عشر شهرا يرمز إلى كمال الزمان مثلما قال السيد المسيح: "قد كمل الزمان، واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل" (مر15: 1). حقاً، لقد أشرق شمس البر –ربنا يسوع المسيح- في ملء الزمان، حسب وعد الرب: "ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر، والشفاء في أجنحتها" (ملا2: 4). لا توجد شمس لها أجنحة سوى ربنا يسوع المسيح، الذي بسط على خشبة الصليب يديه الممدودتنين لاحتضان كل التائبين.

ثانياً: نلاحظ أيضاً أن النهار يتكون من اثنتى عشرة ساعة، كما قال السيد المسيح: "أليست ساعات النهار اثنتى عشرة، إن كان أحد يمشي في النهار لا يعثر، لأنه ينظر نور هذا العالم، ولكن إن كان أحد يمشي في الليل يعثر لأن النور ليس فيه" (يو10،9: 11). إن السيد المسيح هو نور العالم.. والبشارة بالإنجيل هي نور العالم، ولهذا فقد حمل الاثنا عشر تلميذا هذا النور، ونشروه في المسكونة لإنارتها..
كانوا اثنى عشر ليحملوا أنوار ساعات النهار الإثنى عشر. وكل منهم كانت ترمز إليه ساعة من ساعات النهار. كقول الرب عن يوحنا المعمدان: "كان هو السراج الموقد المُنير، وأنت أردتم أن تبتهجوا بنوره ساعة" (يو35: 5).
ثالثاً: رقم 12 هو رقم ثلاثة مضروباً في أربعة (3×4=12):
ورقم 3 هو إشارة إلى الثالوث القدوس وعمله في خلاص البشرية.
أما رقم 4 فيشير إلى أربع اتجاهات المسكونة، أو يشير إلى الإنجيل أي البشائر الأربعة.
وهكذا يكون رقم 12 هو إشارة إلى عمل الثالوث القدوس في خلاص البشرية، في أرجاء المسكونة من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى الجنوب.
لهذا قال السيد المسيح لتلاميذه: "اذهبوا إلى العالم أجمع، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر15: 16)؛ "وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا كل ما أصيتكم به" (مت20،19: 28). وبالفعل قيل عن الآباء الرسل: "في كل الأرض خرج منطقهم، وإلى أقصى المسكونة بلغت أقوالهم" (مز4: 19).
ومن تاريخ الشعب القديم عند خروج بني إسرائيل من أرض مصر، وفي بداية ارتحالهم في برية سيناء، بعد عبورهم البحر الأحمر، أنهم "جاءوا إلى إيليم وهناك اثنتا عشرة عين ماء وسبعين نخلة" (خر27: 15)، وفي هذا إشارة واضحة إلى التلاميذ الاثنى عشر والرسل السبعين الذي عيَّنهم السيد المسيح نفسه.
ومن الأمور الجميلة أن الكنيسة القبطية تحتفل بعيد الآباء الرسل يوم 12 من الشهر السابع من السنة الميلادية.

رابعا: في حديث السيد المسيح عن جيوش الملائكة قال لبطرس: " أتظن أني لا أستطيع أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثنى عشر جيشاً من الملائكة؟" (مت53: 26).

خامساً: وفي سفر الرؤيا رأي القديس يوحنا اللاهوتي حول العرش في السماء أربعة وعشرين قسيساً في أيديهم مجامر وقيثارات، ويرفعون بخوراً أمام الله هو صلوات القديسين (رؤ8: 5). والملاحظ هنا أن رقم 24 هو ضعف رقم 12 لأن النهار على الأرض اثنتا عشر ساعة، أما في السماء فليس هناك نهار وليل، بل نهار دائم يرمز إليه رقم 24 (رؤ25: 21).

سادسا: المئة وأربعة وأربعون ألفاً 144000 البتوليون غير الدنسين (رؤ4،3: 14)، الذين ظهروا في المشهد السماوي يتبعون الحمل (المسيح) أينما ذهب، هؤلاء هو 12×12=144 مضاعفة ألف مرة. فهؤلاء عاشوا حياة منيرة غير دنسة (12 ساعة في نور النهار)، وما فيها من نور هو بحسب الإيمان الرسولي (×12 رسول)، ويصعب حصر عددهم لكثرتهم (ألوف). ولعل هذا يذكرنا بتوبة أهل نينوى الذين قال عنهم الله: أنهم إثنتا عشرة ربوة من الناس أي مائة وعشرون ألفاً. وهو رقم 12×1000×10، ويرمزون إلى الذين يحبون حياة النور بالتوبة في أفواج يصعب حصرها (عشرات ألوف).

وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي:
هل دبَّر الله أن يكون النهار اثنتى عشرة ساعة، والسنة اثنى عشر شهراً، لكي يختار اثنى عشر تلميذاً؟ أم اختار 12 تلميذ لأن النهار 12 ساعة، والسنة 12 شهر؟!
وللإجابة على ذلك نقول: إن المعنى الأساسي للرقم 12 هو الإشارة إلى الثالوث القدوس، وفي عمله من أجل خلاص البشرية في أربعة أرجاء المسكونة. وعلى هذا الأساس يأتي ترتيب باقي الأمور.
حقاً يا رب، ما أعجب تدابيرك! كلها بحكمة صنعت، وما أبعد أحكامك عن الفحص وطرقك عن الاستقصاء..! وإننا فقط نقف لنتأمل ونتفهم ونتعجب ويبقى أمامنا الكثير لنعرفه عنك يا إلهنا القدوس

تكميل الناموس عبء على الانسان


هل تكميل المسيح للناموس والأنبياء بوصايا أعمق وأقوى يمثل عبئاً إضافياً على الإنسان؟

ج: قد يبدو الأمر كذلك لأول وهله لأن المسيح إنما عمِّق الوصايا وأعطاها معناها الأكمل والأشمل. فمثلاً "قد سمعتم أنه قيل للقُدَماءِ لا تقتل. ومن قتل يكون مستوجب الحُكم" أما المسيح فقال "إن كل من يغضب على أخيهِ باطلاً يكون مستوجب الحكم."، "قد سمعتم أنه قيل للقُدَماءِ لا تزنِ." أما المسيح فقال "إن كل من ينظر إلى امرأةٍ ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه."، "أيضاً سمعتم أنهُ قيل للقُدماءِ لا تحنث بل أوفِ للرب أقسامك." أما المسيح فقال "لا تحلفوا البتَّة." كذلك قيل للقدماء "عينٌ بعينٍ وسنٌ بسنٍّ." أما المسيح فقال "لا تقاوموا الشرَّ. بل مَن لطمك على خدّك الأيمن فحوِّل لهُ الآخر أيضاً"، وقيل "تحبُّ قريبك وتبغض عَدُوَّك". أما المسيح فقال "أحِبُّوا أعداءَكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مُبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئُون إليكم ويطردونكم" الخ

من هذا يبدو أن المسيح قد "صعّب" الوصايا إذ زادها عمقاً، لكن هذا يُفسر جوهر الفرق بين العهد الجديد والعهد القديم، فالأخير كان يعتمد على مجهود الإنسان الشخصي وإمكانياته الخاصة التي يحاول بها أن يُرضي الله، لذلك أعطاه الله وصايا الناموس التي إن استطاع أحد أن يعملها يحيا بها، وكان الغرض منها أن يدرك الإنسان عجزه التام عن إرضاء الله وعن حفظ الوصايا ببره الذاتي، فيعترف بخطيئته ويطلب من الله الخلاص منها بنعمة الله أي بالإيمان بالمسيح يسوع، لذلك يقول الكتاب إن الناموس لم يكن قادراً أن يُحيي لذلك فتبرير الإنسان ليس بالناموس هذا لأن الناموس يعتمد على قدرة الإنسان ليعمل الوصايا ويحفظها، والإنسان غير قادر على ذلك لأن "الكتاب أغلق على الكل تحت الخطية"، لذلك يكمل الكتاب هذه الحقائق قائلاً "إذاً قد كان الناموس مؤدبنا إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان." وعندما يؤمن الإنسان بالمسيح ينال حياة جديدة وخليقة جديدة، ويحل المسيح بالإيمان في قلبه وإذ يحل المسيح في القلب فهو يعمل في الإنسان بقدرته وليس بقوة الإنسان لكن بروح الله وبقدرة الله التي وَهَبت للإنسان كل ما يحتاجه ليحيا حياة تَقَوية في رضا الله بحسب المكتوب "كما أن قدرتهُ الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى..."

فخلاصة الأمر أن الإنسان بدون المسيح لا يقدر أن يعمل شيئاً كما قال المسيح نفسه "لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" وهذا ما كان في العهد القديم، أما في المسيح فيقول المؤمن "أستطيع كل شيءٍ في المسيح الذي يقوّيني" وهذا ما صار في العهد الجديد "لا أنا بل نعمة الله التي معي." ولإلهنا كل المجد إلى الأبد آمين.